ما اسمك يا سيدتي ؟
فـي ظـُلـْمـَةِ الـْمـَكـانْ
رآهـا فـَجـْأةً أمـامـَهُ مـُتْعـَبـَةْ
مـُسـْتـَلـْقـِيـَةً عـَلـى فـِراشٍ مـِنْ نـورْ
حـاوَلَ الـْتـَّعـَرُّفَ عـَلـَيـْهـا
اقـْتـَترَبَ مـِنـْهـا مـُتـَهـَيـِّبـاً
سـألـَهـا مـا اسـْمـُكِ يـا سـَيـّدَتـي ؟
فـأجـابـَتْ أسـْمـانـي الـْغـُزاةُ " الـْعـَصـيـَّةْ "
أجـْدادي أطـْلـَقـوا عـَلـَيَّ إسـْمَ " الـْفـَيـْحـاء "
أمـّأ أبـْنـائـي يـُنـادونـي " الأبـِيـَّة "
وَمـا أرْوَعَ عـُشـّاقـي عـِنـْدَمـا يـَصـِفـونـي "بـالـْبـَهـِيـَّة "
سـألـَهـا لـِيـَتـَعـَرَّفَ عـَلـَيـْهـا أكـْثـَرْ
كـَمْ عـُمـْرُكِ يـا سـَيـِّدَتـي ؟
قـالـَتْ
وُلـِدْتُ فـَبـْلَ تـَدْويـنِ الـْتـّاريـخ
وَنـَطـَقـْتُ أحـْرُفـي الأولـى
قـَبـْلَ أنْ تـُنـْطـَقُ الأبْجـَدِيـَّةْ
غـَسـَلـْتُ وَجـْهـي بـِمـاءِ الـْحـَضـارَةْ
لـَمـْلـَمـْتُ شـَعـْري
كـَحـَّلـْتُ عـُيـونـي
فـَكـُنـْتُ عـَلـى الأرْضِ أوَّلَ صـَبـيـَّةْ
قـالَ لـَهـا بـِخـَجـَلٍ
وَلـِمـَنْ تـَنـْتـَسـِبـيـنَ يـا سـَيـِّدَتـي ؟
قـالـَتْ
نـَسـَبـي يـَعـودُ إلـى الـَّذي تـَرَكَ ضـَنـاهُ
عـَلـى كـَتـِفـي مـَقـْتـولا
نـَسـَبـي يـَعـودُ إلـى آدمٍ أبـي الـْبـَشـَريـِّةْ
ذَكـَرَنـي الـْلـَّهُ فـي قـُرْآنـِهِ مـَرّاتٍ
وَسـارَ " بـولـُسُ " عـَلـى أرْضـي
حـامـِلاً الـْمـَسـيـحـِيـَّةْ
مـُحـَمـَّدٌ رَسـولُ الـْلـَهِ قـالَ أنـّي كـِنـانـَتـُهِ
وأنـارَ وَجـْهـي عـيسـى الـْمـَسـيـحْ
جـامـِعـي أمـَويٌّ
وَكـَنـيـسـَتـي مـَرْيـَمـِيـَّةْ
أبـي قـاسـِيـونُ رافـِعَ الـْهـامـَةْ
امـّي الـْغـوطـَةُ
وَبـَرَدى يـَسـيرُ مـِنْ وَريدي إلـى وَريـدي
أبـْوابـي لـِاـْعـِزِّ والـْتـّاريـخِ حـِكـايـَةْ
وَأزِقـَتـي لـِلـْحـَضـارَةِ مـَدْرَسـَةْ
والـْيـاسـَمـيـنُ لـِكـُلِّ عـاشـَقٍ مـِنـّي هـَدِيـَّةْ
فـي كـُتـُبِ الـْمـَجـْدِ مـَنـْذُ الأزلْ لـَمْ أغـِبْ
وَفـي قـَصـَصِ الـْبـُطـولـَةِ
سـَيـْفـي مـَدى الـْدَّهـْرِ لـَمْ يـَتـْعـَبْ
فـارِسـي مـَغـْوارٌ
تـارَةَ إسـْمـُهُ الـْوَلـيـدُ
وتأرَةً يـأتـي بـِرِفـْقـَةِ عـُقـبى
أوْ بـِلالٍ ابـنِ الـْحـَبـَشــيـَّةْ
وَصـلاحُ الـْدّيـنِ فـي حـِضـْنـي
نـامَ نـَوْمـَتـَهُ الأبـَدِِيـَّةْ
أبـْنـائـي كـُثـْرُ مـُبـارَكـونْ
مـِنـْهـُمْ مـَنْ يـُقـيمُ فـي الـْشـّاغـورْ
وَمـِنـْهـُمْ مـَنْ يـُقـيـمْ فـي الـْصـّألـِحـِيـَةْ
وَمـِنـْهـُمْ مـَنْ وُلـِدَ فـي الـْمـَيـْدانْ
وَمـِنـْهـُمْ مـَنْ مـاتَ فـي الـْقـَمـَرِيـَّةْ
حـاوَلَ أنْ يـَسـألـَهـا أكـْثـَرْ
لـَكـِنَّهُ لاحـَظَ أنَّ بـَعـْضَ جـِراحـِهـا تـَنـْزِفْ
رَكـَعَ أمـامَ حـَضـْرَتـِهـا وَبـَكـى وَجـَعـَهـا
رَبـَتـَتْ عـَلـى كـَتـِفـِهِ بـِحـَنـانٍ كـَعـادَتـِهـا
قـالـَتْ لا تـَبـْكِ يـا وَلـَدي
قـُمْ وامـْسـِكْ بـِيـَدي
لـِنـَنـْهـَضَ مـَعـاً مـِنْ كـَبـْوَتـِنـا
فـأنـا
دِمـَشـْقُ بـِإذنِ الـْلـَّهِ مـَحـْمـِيـَّةْ
بقلم فؤاد حلبي
